متلازمة الأمعاء القصيرة

يمكن تعريف متلازمة الأمعاء القصيرة بأنها حالة فشل الجهاز الهضمي في امتصاص الكمية المطلوبة من العناصر الغذائية التي تضمن النمو السليم للأطفال، وتمنع حالات نقص التغذية لدى البالغين، وذلك نتيجة قصر الأمعاء الدقيقة الذي غالبًا يحدث بسبب استئصال جزء منها لهدف علاجي ما أو بسبب عيب خلقي _ أي أن الطفل يُلد بهذه الأمعاء القصيرة.

تمتص الأمعاء الدقيقة السوائل والبروتينات والكربوهيدرات، والدهون، والفيتامينات، والمعادن، مثل: الكالسيوم، والصوديوم، والبوتاسيوم، وهذا يوضح مدى معاناة وافتقار الجسم الذي يُعاني من هذا النقص في الأمعاء.

يوجد ثلاثة عوامل يُمكن لها أن تتحكم بشدة نقص الامتصاص الحاصل في الجسم، وهي:

·       طول الجزء المستأصل.

·       بقاء الصمام اللفائفي الأعوري بين الأمعاء الدقيقة والغليظة.

·       طول الأمعاء الغليظة والدقيقة السليمة المتبقية.

يجدر الذكر أن استئصال نصف الأمعاء الدقيقة لا يُسبب نقصًا في التغذية، لكن عند البالغين الذين بقي عندهم أقل من 200 سنتيمتر من الأمعاء الدقيقة، فإنهم سيُعانون من نقص في التغذية، ويمكن التعامل مع هذا الطول على أنه الطول الأدنى للحول دون تطور متلازمة الأمعاء القصيرة.

عادةً يتكيف الجسم مع وضعه الجديد ويُصبح قادر على التعايش مع هذه الأمعاء القصيرة بعد فترة زمنية ليست طويلة.

كيفية حدوث سوء امتصاص الأغذية نتيجة متلازمة الأمعاء القصيرة

قبل التعرف على آلية حدوث سوء امتصاص الأغذية نتيجة متلازمة الأمعاء القصيرة يجب التعرف على أجزاء الأمعاء، وذلك لتسهيل فهم سوء الامتصاص الحاصل في الجسم.

تتكون الأمعاء الدقيقة من 3 أقسام وهي:

·       الاثنا عشر: الذي يقع بجوار المعدة، وهو أقصر قسم في الأمعاء الدقيقة.

·       الصائم: الذي يقع بين الاثنا عشر واللفائفي.

·       اللفائفي: هو أطول جزء يتصل بالأمعاء الغليظة.

في حال استئصال الاثنا عشر وجزء من الصائم فإن الجزء المتبقي من الصائم واللفائفي سيقومان بامتصاص العناصر الغذائية دون تأثر الجسم إلا بنسبة قليلة، أما في حال استئصال جزء كبير من الصائم أو استئصال اللفائفي فإن سوء الامتصاص سيكون جدًا كبير، فهذان الجزآن مسؤولان بدرجة كبيرة عن امتصاص العناصر الغذائية.

أعراض متلازمة الأمعاء القصيرة

تتمثل أعراض الإصابة بمتلازمة الأمعاء القصيرة فيما يأتي:

1. أعراض متلازمة الأمعاء القصيرة التي تظهر مباشرة

·       تمثلت هذه الأعراض في الآتي:

·       الإسهال المستمر، وهذا العرض يُعدّ العرض الرئيس بهذه المتلازمة.

·       تشنجات متكررة في منطقة البطن.

·       انتفاخ البطن.

·       الغازات.

·       التقيؤ.

·       حرقة في المعدة.

·       ضعف عام في الجسم.

·       فقدان الوزن.

·       تورم في الساقين.

2. أعراض متلازمة الأمعاء القصيرة التي تظهر لاحقًا

نظرًا لأن الجسم لا يأخذ حاجته من العناصر الغذائية وتكرار هذا الأمر يوميًا يؤدي إلى ظهور الاعراض الآتية:

·       كدمات منتشرة على الجسم دون التعرض لإصابة.

·       فقر الدم، والذي يظهر بشحوب البشرة والدوخة وعدم التركيز.

·       آلام في الخاصرة، وذلك ناتج عن تشكل حصى في الكلى.

·       طفح جلدي حاد.

·       الإصابة بالأمراض الجرثومية بسرعة، وذلك بسبب تدني مقاومة الجسم.

·       آلام العظام.

·       كثرة النوم.

أسباب وعوامل خطر متلازمة الأمعاء القصيرة

تمثلت أسباب الإصابة بمتلازمة الأمعاء القصيرة فيما يأتي:

1. المعاناة من تشوه خلقي في الأمعاء

التشوه الخلقي في الأمعاء المتمثل بقصر الأمعاء الدقيقة هي حالة يولد الطفل بها، ولا يُعرف ما هي الأسباب التي أدت إلى حدوث ذلك أثناء تكون الجنين.

2. استئصال الأمعاء جراحيًا

قد يتم التطرق لاستئصال أجزاء من الأمعاء جراحيًا لتخلص من إحدى الحالات المرضية الآتية:

·       داء كرون: هو مرض يُسبب التهاب في الأمعاء ويُسبب آلام حادة البطن وبعد عدم فائدة كافة العلاجات الدوائية يتم التطرق لجراحة الاستئصال.

·       السرطان: يوجد عدة أنواع من السرطانات التي تحدث في الجهاز الهضمي، ويمكن أثناء استئصالها أخذ جزء من الأمعاء لتقليص حجم انتشارها.

·       الجلطات الدموية: يُمكن استئصال جزء من الأمعاء كطريقة علاجية للجلطات الدموية الحادثة فيها أو بالقرب منها

مضاعفات متلازمة الأمعاء القصيرة

تتمثل أبرز مضاعفات الإصابة بمتلازمة الأمعاء القصيرة في ما يأتي:

1. الإصابة بالقرحة

المعدة تُفرز الأحماض لتُساهم في هضم الطعام، وهذه الأحماض تكون بكميات مناسبة لكافة عمل الجهاز الهضمي، لكن عند استئصال جزء من الأمعاء فإن الكمية المناسبة تُصبح كبيرة في الجسم فالمساحة نقصت، وهذا الأمر يُسبب القرحات العديدة، ومنها: قرحة المريء، وقرحة المعدة، وقرحة الكرب.

2. التعرض للالتهابات بكثرة

العناصر الغذائية الكافية في الجسم تزيد من قوة جهاز المناعة، ونقصها يعني انهيار الجهاز المناعي، وهذا يجعل الملوثات بكافة أنواعها تُهاجم الجسم دون أي رادع لها.

3. تشكل الحصوات

يُمكن أن تتشكل حصوات في المرارة والكلى نتيجة اختلال كمية السوائل في الجسم، فالأمعاء الدقيقة لها دور في تنظيم السوائل والأملاح في الجسم.

4. الإصابة بأمراض العظام

بسبب قلة الكالسيوم الممتص من الأمعاء الدقيقة فإن التعرض لاختلات عظمية أمر وارد وبقوة، وهذه الاختلالات تظهر على شكل:

·       آلام في العظام.

·       هشاشة العظام.

·       تساقط الأسنان.

تشخيص متلازمة الأمعاء القصيرة

عادةً يتم تشخيص أن الشخص مُصاب بمتلازمة الأمعاء القصيرة فور خروجه من عملية الاستئصال، أما في حال كانت هذه المتلازمة خلقية، ولا يعرف الطبيب طبيعة جسم الطفل وما تحتويه أمعائه من تشوهات، فإنه يوصي بكافة الفحوصات الآتية ليتوصل للتشخيص:

·       تحليل الدم الشامل.

·       فحص البراز.

·       فحص البول.

·       التصوير بالأشعة السينية لمنطقة الصدر والبطن.

·       التصوير المقطعي المحوسب، وهو أشعة سينية قوية تقوم بعمل صور مفصلة داخل الجسم بأبعاد ثنائية.

·       التصوير بالموجات فوق الصوتية، والتي تستخدم لرؤية الأعضاء بوضوح.

·       اختبار كثافة العظام.

·       تحليل خزعة الكبد.

 

علاج متلازمة الأمعاء القصيرة

يتم علاج متلازمة الأمعاء القصيرة بأحد الطرق الآتية:

1. علاج الحالات الخفيفة من متلازمة الأمعاء القصيرة

في حال كان سوء الامتصاص جدًا خفيف، فإن العلاج يكون سهل ويتم من خلال الآتي:

·       تناول عدة وجبات صغيرة في اليوم بدلًا من الوجبات الكبيرة.

·       تناول الأدوية المعالجة للإسهال وتكون موصوفة من قبل الطبيب.

2. علاج الحالات المتوسطة من متلازمة الأمعاء القصيرة

يتم العلاج كما الآتي:

·       تناول عدة وجبات صغيرة في اليوم بدلًا من الوجبات الكبيرة.

·       تناول الأدوية المعالجة للإسهال وتكون موصوفة من قبل الطبيب.

·       أخذ بعض المعادن وكذلك المزيد من السوائل من خلال الحقن الوريدية بين كل فترة وأخرى.

3. علاج الحالات الشديدة من متلازمة الأمعاء القصيرة

يتم علاج هذه الحالة بأحد الطرق الآتية:

·       التغذية الوريدية الكاملة (TPN)

قد يحتاج المصاب إلى التغذية الوريدية الكاملة بعد جراحة الأمعاء، حيث توفر هذه التغذية السوائل والعناصر الغذائية الهامة للجسم، مثل: البروتينات، والدهون، والسكريات، والفيتامينات والمعادن الأساسية.

يتم إعطاء المحاليل عن طريق الوريد من خلال وريد كبير يتم فيه إدخال قسطرة أو أنبوب بلاستيكي مرن، ويتم الخضوع لهذا النوع من التغذية لأكثر من 10 إلى 12 ساعة يوميًا، وعادةً يتلقى الرضع والأطفال هذا النوع من المحلول أثناء النوم أيضًا.

·       الخضوع لجراحة كبرى

الجراحة الكبرى تهدف إلى زراعة أمعاء في جسم المُصاب، وهذا النوع من العمليات نادر، لكنه موجود.

عملية زراعة الأمعاء تحتاج إلى دقة كبرى كما أن نتائجها قد لا تكون مثل المتوقع، فلها العديد من المضاعفات.

الوقاية من متلازمة الأمعاء القصيرة

لا يُمكن الوقاية من متلازمة الأمعاء القصيرة، وذلك لأن المسببات الرئيسة لها لا يُمكن معالجتها، فالمتلازمة في أغلب الأحيان هي نتيجة علاج لحالة خطيرة، فكيف يُمكن الوقاية من العلاج؟!